هل تُفسر قوة الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا الاثنين والتي بلغت 7,8 درجات على مقياس ريختر، وحدها حجم الخسائر والدمار الذي طال المناطق المتضررة؟

 

يجيب بعض الخبراء الدوليين على هذا التساؤل بشكل واضح وبسيط، من خلال تحليل يقوم على تداخل وتشابك مجموعة من العوامل تتمثل في توقيت الزلزال وموقعه وخط صدع هادئ نسبيا منذ قرنين، فضلا عن مبان مشيدة بصورة سيئة.

 

زلزال وقع في وقت النوم

يعود ارتفاع حصيلة ضحايا هذه الكارثة، التي تجاوزت خمسة آلاف قتيل إلى الساعة، إلى شدة الزلزال في المقام الأول، حسب الباحث في هيئة المسح الجيولوجي البريطانية روجيه موسون، والذي يلحظ أنه وقع عند الساعة 4:17 بالتوقيت المحلي (01:17 ت غ) فوجد “النائمون أنفسهم “عالقين عندما انهارت منازلهم”.

 

تقع تركيا على خط صدع زلزالي رئيسي في العالم. بالتالي، فإن بنية المساكن “لا تتوافق بالفعل مع منطقة معرضة لخطر الزلازل العنيفة”، على ما أوضح الباحث. ويمكن تفسير ذلك بأن الصدع الزلزالي، حيث تقع هذه المساكن، كان هادئا نسبيا في الماضي.

 

ففي 1999، تسبب زلزال في إزميد على بعد حوالى 100 كلم جنوب شرق إسطنبول بمقتل 17 ألف شخص. زلزال الاثنين وقع على الطرف الآخر من البلاد، قرب الحدود السورية، على امتداد خط الصدع الشرقي للأناضول.

 

تكرار لما حدث عام 1822 عندما قضى عشرات الآلاف…

يُؤكد روجيه موسون أن هذا الخط لم يشهد أي زلزال تفوق قوته 7 درجات منذ أكثر من قرنين، مما حدا بالسكان إلى “الاستخفاف بخطورته”. وتشير هذه المدة أيضا إلى “أن كمية كبيرة نسبيا من الطاقة تراكمت” على طول الصدع. وما يؤكد ذلك، بحسب الباحث، حدوث هزة ارتدادية عنيفة بعد الزلزال الرئيسي.

 

زلزال الاثنين هو”تقريبا تكرار” للزلزال الذي ضرب المنطقة في 13 آب/أغسطس 1822 والذي قُدرت قوته بنحو 7,4 درجات. وأوضح موسون أنه تسبب حينها في “دمار هائل وتهدمت مدن بأكملها وقضى جراءه عشرات الآلاف”.

 

وقع زلزال الاثنين، والذي ضرب على عمق نحو 17,9 كيلومترا بالقرب من مدينة غازي عنتاب البالغ عدد سكانها مليوني نسمة، نتيجة تحرك الصفيحة التكتونية العربية التي “تتقدم نحو تركيا” باتجاه الشمال، على ما أوضح عالم الزلازل. وأضاف أنه عندما تنشط الحركة، يتقدم اللوح فجأة و”ينتج من هذه الحركة زلزال كبير”.

 

العديد من المباني “انهارت على شكل طبقات”

وفيما شدد العالم على أن مدى الدمار يتعلق أيضا بطول الصدع الأرضي على امتداد خط الصدع الزلزالي (مئة كيلومتر بالنسبة لزلزال الاثنين)، أوردت كارمن سولانا، وهي عالمة البراكين في جامعة بورتسموث البريطانية، أن تشييد المباني يشكل عاملا رئيسيا عند حدوث الزلازل.

 

وأوضحت أن “مقاومة البنية التحتية متفاوتة في جنوب تركيا (رغم أن زلزال عام 1999 أدى إلى إصدار تشريع في عام 2004 يلزم جميع المباني الجديدة بالامتثال لمعايير مقاومة الزلازل) وخصوصا في سوريا. لذلك، فإن إنقاذ الأرواح يعتمد الآن على سرعة الإغاثة”.

 

كما أشار عالم البراكين بيل ماكغواير، من جامعة كلية لندن البريطانية، إلى أن العديد من المباني “انهارت على شكل طبقات”، موضحا أن “ذلك يحدث عندما لا تكون الجدران والأرضيات متصلة بشكل كاف، فينهار كل طابق عموديا على الطابق السفلي”، الأمر الذي يترك للسكان فرصة ضئيلة للبقاء على قيد الحياة.